» القوم والعشيرة   » الخدم و المماليك   » صلة الأرحام   » إمام زماننا عليه السلام ميزان أعمالنا   » بر الوالدين (3)   » بر الوالدين (2)   » بر الوالدين   » شهر الله المبارك   » مولد صاحب العصر و الزمان عجل الله فرجه الشريف   » من عبير الانتظار  


28/02/2014م - 7:42 م | عدد القراء: 9314

حسين .. طفلٌ في الربيع السابع من العمر .. ذو وجهٌ قمريّ صبوح ، وعينان زرقاوان ، وشعرٌ أشقرٌ متدرّج ، على وجهه سيماء الصغير ووقار الكبير ، تربّعت المآسي بين شمائل وجهه الجميل ، وتلبّدت الأهوال بين ثنايا أهدابه المنكسرة...

قصّة إنسان ! ..

ماذا يعني أن تكفل يتيماً ؟

 

حسين .. طفلٌ في الربيع السابع من العمر  .. ذو وجهٌ قمريّ صبوح ، وعينان زرقاوان ، وشعرٌ أشقرٌ متدرّج ، على وجهه سيماء الصغير ووقار الكبير ، تربّعت المآسي بين شمائل وجهه الجميل ، وتلبّدت الأهوال بين ثنايا أهدابه المنكسرة ، فكان من الصّعب عليّ أو المستحيل انتزاع ابتسامةٍ من ذلك الثغر الواجم ، الممتلئ بالمشاعر القلقة الصامتة !

رقد في عمق هذا الجمال الطفولي السّاحر ماردٌ من حزن فظيع ، وطغى على وجدانه ومشاعره وقسمات وجهه ألم كبير ، ورقص على غمرة أمواج مشاعره المتلاطمة خوفٌ حالك ، وتربّع على خدّه المتشقّق قلقٌ هائل يتطلّع إلى قادم الأيّام ، من خلال ماضي إيامه التي سلبته قراره وأمنه وسكنه وحياته وماضيه ومستقبله  ..

كان هذا اللقاء الطويل في مدخل إحدى المؤسسات الخيريّة في كربلاء المقدّسة ، ومع أنه لم يتجاوز الثواني إلاّ أنّه حفر نفسه في أتون الذّاكرة وتجاوز حدود الذاكرة !

سألتُ عنه .. قيل لي إن إسمه حسين .. وهو سيّد هاشمي .. فقد أمّه وأباه في معمعة الظروف العاتية التي عصفت بكل البلاد .. فهو يتيم الأبوين ، وهو يعيش في بيت عمّه الفقير أيّاماً .. وأيّاماً أخرى في بيت خالته الفقيرة أيضاً ..

إن هذه قصّة إنسان ، تختلط عندها أمواج المشاعر المضطربة ، وتتداخل فيها خيوط الأحاسيس المرتبكة ، وتقف عند أعتابها الكلمات والعبارات والجُمَل ، لتعانق هذه الصورة بصمت باكٍ حزين ، وتكشف عن القلوب حجاب الغفلة ، وتعيد للإنسان حقيقة شعوره بالإنسان ، في أوج معاناته واحتياجه وألمه !

يا رسول الله ..

أنت من قلتَ : أنا وكافل اليتيم كهاتين ـ وأنت تضم إصبعيك ـ

كنت صوت الإنسان وعقله وقلبه وروحه ونفسه ، أنت اليتيم الذي يعرف حق اليتيم ، وأنت من يدرك معاناته ومآسيه ، رغم ما كنتَ عليه من الإمتلاء النفسي والشعور المغدق الفيّاض ، إلاّ أن إنسانيّتك المثالية كانت فوق حدّ الإمكان وأعلى من سقف البشريّة .

إنّ كافل اليتيم اليوم لا يعطي أكثر  من ماله ! مع إنّ وجه هذا اليتيم ـ ومثله بالملايين قطعاً ـ الذي رأيتُ يعبّر عن حاجة أكبر من العوز المادي ، إنّه يحتاج الأمن والطمأنينة والحب والعطف والحنان والرحمة ، إنّه يريد السكن بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معاني شعوريّة هادرة ، لتهدأ نفسه من عناء القلق ومشابكة الخوف والحزن  والحرمان!

روي : أن بكاء اليتيم يهتزّ له العرش !

أيّ اختبار عظيم هذا الذي اختبرنا به ربنا سبحانه وتعالى !

إنّه ضمن دائرة مسؤوليّاتنا ، ويجب أن يكون في مقدّمة اهتماماتنا وأولويّاتنا !

وعلينا أن نعلم .. إذا ما قدّمنا أنفس ممتلكاتنا في سبيل إعانة اليتيم .. إنّ معنى الكفالة أكبر من مجرّد الصّرف المادي فقط ، بل تعني سدّ كلّ الثغرات والإحتياجات ، هي ببساطة .. القيام بحقّه كما نقوم بحقّ أولادنا على الوجه الأكمل الأمثل !

ولنا أن نتأمّل في ما تتضمّنه هذه الكلمات المختصرة من معاني عميقة وأبعاد عملاقة ، وبالتالي فإنّنا إذا أعنّا اليتيم بأموالنا فإننا نكون قد قدّمنا أقلّ ما يُمكن تقديمه تجاهه ، ونكون قد فعلنا أقلّ ما يمكننا فعله ، وقد اختبرنا الله تعالى في الأيتام وفي أموالنا لينظر ماذا نفعل في هذه الدنيا الزائلة ، فماذا نأخذ من ممرّنا إلى مقرّنا ؟ ونسأل الله العون والبصيرة والتسديد والعمل الخالص لوجهه ، وصلى الله على النبي وآله وسلّم تسليما كثيرا.

 

مبرة الكفيل



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «0»


لاتوجد تعليقات!




اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:  
عدد الأحرف المتبقية: