» مجلس شهادة الإمام جعفر الصادق عليه السلام   » باب الله (3)   » المهدي عجل الله فرجه رحمة الله الواسعة (3)   » باب الله (2)   » المهدي عجل الله فرجه رحمة الله الواسعة (2)   » باب الله (1)   » خطبة عيد الفطر المبارك لعام 1445 هجرية   » حقيقة الإيمان   » ماذا نهدي لإمام زماننا عجل الله فرجه الشريف   » القوم والعشيرة  


04/06/2011م - 1:40 م | عدد القراء: 2788

فتأت أقلام التحقيق والتمحيص تتناول بعناية بالغة قيام زيد الشهيد (ع) لما ينعكس عن ذلك من حقائق تاريخية وفقهية ورجالية مهمة ، ولما تعصب ظرف قيامه وشدَّ تعاطي التقية كان الأمر محفوفاً بالتشويش مشوباً بالغموض ، فتضاربت الأقوال واصطدمت الآراء...

زيد الشهيد

سيّدنا زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيدنا محمد وآله الطّاهرين ، واللعنة على أعدائهم أجمعين

ما فتأت أقلام التحقيق والتمحيص تتناول بعناية بالغة قيام زيد الشهيد (ع) لما ينعكس عن ذلك من حقائق تاريخية وفقهية ورجالية مهمة ، ولما تعصب ظرف قيامه وشدَّ تعاطي التقية كان الأمر محفوفاً بالتشويش مشوباً بالغموض ، فتضاربت الأقوال واصطدمت الآراء لالتزام التحفظ والمواراة تارة ، ولوضع الوضَّاع والجهلة تارة أخرى .

 

ومع أن معاصري قيامه (ع) قد كانوا أدق نقلاً ورواية لفصول الأحداث لقربهم من مسرحها ، إلا أن المتاخرين عنها أبعد غوراً في التحليل وأدق نظرة لجمعهم شواهد الحدث وشوارده ، فيكون الأمر على رغم تشويشه واضحاً متسقاً ، ولربما يجدر أهمية أن نبين أولاً مدى عظمة هذه الشخصية الفاضلة ، المتضمن ثناء المؤرخين والعلماء عليه ، ومن ثمّ تنزيه ساحته عن بعض الشبه للتخلص عن قيامه بإذن من الإمام الصادق (ع) .

 

لقد اجتمعت كلمة العلماء والرجاليين على عظمته وعلو كعبه ورفعة منزلته  .. فقد ذكر الشيخ المفيد في الإرشاد ، والشيخ الطوسي في آخر كتاب أسرار الصلاة ، والسيد علي خان في شرح الصحيفة ، والشيخ عبّاس القمي في منتهى الآمل ، والحافظ الخزاز القمي في كفاية الأثر ، والنسابة العمري في المجدي ، والسيد الخوئي في المعجم ، والشهيد الأول في القواعد ، والميرزا محمَّد الإسترابادي في منهج المقال ، والشيخ محمَّد صاحب المعالم في شرح الإستبصار ، والمجلسي في مرآة العقول ، والميرزا عبدالله الأفندي في رياض العلماء ، والشيخ عبد النبي الكاظمي في تكملة الرجال ، والشيخ محمَّد الحر العاملي في رجال الوسائل ، والسيد مهدي بحر العلوم في بعض رسائله ، والمحدث النوري في مستدرك الوسائل ، وغيرهم : كونه عابداً ورعاً فقيهً سخياً شجاعاً ، وظهوره بالسيف يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، طالباً بثارات الحسين (ع) ..

 

وذكروا تسمية الناس له بحليف القرآن و إسطوانة المسجد لكثرة صلواته ، وكان جم الفضائل عظيم المناقب ، وكان معرَّفاَ بالستر والصلاح ، مشهوراً عند الخاص والعام ، وهو بالمحل الشريف الجليل .. ورووا مشهور قول الصادق (ع) فيه : " رحم الله عمي زيداً لو ظفر لوفى ، إنما دعا للرضا من آل محمَّد (ص)  ، وأنا الرضا " . واوردوا في مدحه روايات كثيرة جداً ، كما نقلوا اتفاق علماء الإسلام على جلالته وورعه وفضله ، ودللوا على عظمته في أهله وعند شيعة أبيه (ع) .

 

مرقد سيّدنا زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام

 

مضافاً إلى محله من أبيه وأخيه وابن أخيه (ص) ، فإن قوله بإمامتهم ثابت ، بل ثبت له أيضاً كمال المعرفة والإيمان حتى فيمن لم يدركهم من الأئمة الذين افترض الله طاعتهم ، ففي رواية الرازي القمي في كفاية الأثر المسندة إلى يحيى بن زيد ، وفيها يُسمي زيد الأئمة إلى المهدي (ع) ، وفيه أيضاً بأسناده إلى محمَّد بن مسلم عن زيد بن علي (ع) يذكر فيها عدد الأئمة (ع) .

 

ولم يذكر أرباب السيرة إدعاءه الإمامة لنفسه ابداً ، ولكن الناس لمَّا رأوا قيامه وجلوس الصادق (ع) توهم طائفةً منهم مخالفة الإمام (ع) له ، وأن قيامه كان دعوة إلى نفسه ، حتى قال قائل منهم : " ليس الإمام من جلس في بيته وأغلق بابه وأرخى عليه ستره ، وإنما من خرج بسيفه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر " ظناً منهم إيرادة زيد نفسه في خروجه ـ كما هو حاصل مافي الإرشاد وكفاية الأثر ـ ، مع أنه لم يكن كما ظن الناس خلافٌ بينه وبين الإمام (ع) ، بل دلَّت الشواهد والحقائق على خلاف ذلك قطعاً ..

 

هذا ولم تخل بعض المجاميع من إيراد ما يوجب القدح به أو مايُحمل عليه ، لكنها أخبار آحاد أو غير ثُقاة ، أو مأوَّلة أو محمولة على التقية في حالة صحَّة سندها ، وقد بسط المرحوم المقرم تيك الروايات ومحصها ضمن كتابه " زيد الشهيد " وتكفل التعليق عليها بما لا يُزاد عليه ، فراجع .

 

وحري بعد كل هذا انكشاف واقع الحال ، وكان لنا أن نستبعد أموراً بعد نبذ أخرى من قبيل تأوله واجتهاده باعتبار كونه فقيهاً الأخبار الصادرة عنهم (ع) في نهيه عن الخروج ، واعتماده ما أخبروا به مكرراً عن وقوع مقتله وصلبه ، فصحَّ له حينئذٍ خروجه من غير حاجة إلى إذن إمام زمانه (ع) ، لوقوع الظلم والإذن العام بدفعه ، فيكون بكاء الإمام (ع) ليس إلا تحسراً عليه ، وإظهاراً للأسف على مافرَّط فقيه عابد في حق نفسه ، وإن ذلك من قبيل بكاء أميرالمؤمنين (ع) على ا لزبير تأسفاً لما آل إليه أمره ، فإن هذا في غاية البعد .

 

 

لقد اجتمعت الشواهد الحقّة لتشير إلى حقيقة تدفع الغشاوة المحفوفة في المقام ، فإن الأخبار وإن تواترت على أن قيام ولد فاطمة (ع) وطلبهم للحق مصيره القتل المحتم ، إلا أن النهي محمولٌ على مخالفة الإمام (ع) في ذلك ، وكان لابد أن تنطلق صرخة في وجه الظلم والتعدي الأموي أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر ، ولابد أن يكون من يطلق هذه الصرخة شخصٌ متكامل القاعدة مسلَّم النفوذ نقي السيرة منزَّه عن المساوئ ، ولم تكن لهذه الصفات لتجتمع في غير زيد الشهيد ..

 

دل على ذلك ماجاء في الوسائل عن الصادق (ع) : " عليكم بتقوى الله وحده لاشريك له ، وانظروا لأنفسكم ، فوالله إن الرجل ليكون له الغنم فيها الراعي ، فإذا وجد رجلاً هو أعلم بغنمه من الذي هو فيها يُخرجه ويجيئ بذلك الذي هو أعلم بغنمه من الذي كان فيها ، والله لو كانت لأحدكم نفسان يُقاتل بواحدة يُجرب بها ثمّ كانت الأخرى باقية يعمل ما قد استبان لها ، ولكن له نفس واحدة ، وإذا ذهبت فقد والله ذهبت التوبة ، فأنتم أحق أن تختاروا لأنفسكم إن أتاكم آت ، فانظروا على أي شيئ تخرجون ..

 

ولا تقولوا خرج زيد ، فإن زيداً كان عالماً وكان صدوقاً ، ولم يدعكم إلى نفسه ، وإنما دعاكم إلى الرضا من آل محمَّد (ص) ، ولو ظفر لوفى بما دعاكم إليه ، وإنما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه " .

 

 

فتلك صفات وأبعاد توفرت في زيد دون غيره كي يُطلق كلمة الحق بدمه ، وينقض ما اجتمع من سلطان الظلمة ، فإنه وإن تسببت في قيامه حوادث خلافه مع والي المدينة خالد بن عبدالملك ، أو اجتماع العبَّاد والفقهاء ورفعهم ظلاماتهم وبيعتهم له ، إلا أن قصده نقض سلطان مجتمع ، وفيه ما لا يخفى من الطلب بثار الحسين (ع) .

 

ولابد أن يكون ذلك بعيداً عن الإمام (ع) حفظاً للإمامة ولظرف التقية ، وأقصى مراحل التحفظ ، وكان هذا مبرراً لبعد الصادق (ع) عن مسرح الأحداث ، ولربما حملنا تحفظه (ع) على ضرب من ضروب التدبير ، وإلا فقد اشتهر عنه (ع) قوله : " رحم الله زيداً ..الخ " ..

 

 

وإن في أقواله لشاهد على إذنه ورضاه (ع) كما  جاء في العيون : " إنا لله وإنا إليه راجعون ، عند الله أحتسب عمي ، إنه كان نعم العم ، إن عمي كان لدنيانا وآخرتنا ، مضى والله عمي شهيداً كشهداء استشهدوا مع رسول الله وعلي والحسن والحسين (ص) " وعلى ذلك استند المرحوم المجلسي في مرآة العقول 1/261 في كونه مأذوناً من قبل الإمام (ع) سراً ، وإليه صار الشهيد الأول في القواعد ، والقمي في كفاية الأثر ، واحتمله النسابة العمري في المجدي .

 

علاوة على ذلك قول النبي (ص) : الشهيد من ذريتي والقائم بالحق من ولدي المصلوب بكُناسة كوفان ، إمام المجاهدين ، وقائد الغر المحجلين ، يأتي يوم القيامة وأصحابه تتلقاهم الملائكة المقربون ،يناديهم ادخلوا الجنة لا خوفٌ عليكم ولا أنتم تحزنون "

[ الروض النضير 1/85 ] .

 

 

وبكاء أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وأصحابه وتحسره عليه كما في ملاحم السيد ابن طاووس وقول الحسيمن (ع) :" إن أبي حدثني إنه سيكون منَّا رجل إسمه زيد يخرج فيُقتل ، فلا يبقى في السماء ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا تلقى روحه ، يرفعه إلى كل سماء، يُبعث هو وأصحابه يتخللون رقاب الناس ، فيقال : هؤلاء دعاة الحق  "  .

[ الروض النضير 1/56 ] ..

 

 

فلما صدر عن آبائه ذلك وعُرف عنه الدين والتثبت إلتحق به العبَّاد والزهاد والفقهاء وأهل الإحتياط ليضحوا بين يديه ويجودوا بأنفسهم ويهرقوا دماءهم التي يتمنى الصادق(ع) في دعائه أن يُشرك بها  .

ففي رواية العيون عن الفضل بن يسار عن الصادق (ع) : " أشركني الله في تلك الدماء ، مضى والله عمي زيد وأصحابه شهداء مثل ما مضى عليه علي بن أبي طالب وأصحابه " .

 

ولم تبرح كرامة الله تعالى تلاحقه حتى قتل وصلب لتعزز من مقامه على الله تعالى وخعند أهل بيت نبيه (ص) مما يؤكد بلوغه أرفع مراتب الشهداء السعداء ، فقد تظافر نقل المصادر أن العنكبوت نسجت على عورته فسترتها لما صُلب عاريا ، فإذا أصبح أهل الكوفة ورأوا النسج هتكوه بالرماح ، فإذا جاء الليل نسجت العنكبوت عليه . وجاء ايضاً أنه ارتخى بطنه من قدَّامه وظهره من خلفه حتى سُترت عورته من القبل والدبر . وجاء أنه لما صُلب وجهوا وجهه إلى جهة الفرات فدارت خشبته إلى ناحية القبلة ، حتى فعلوا ذلك مرارا ، فصلوات الله عليه .

 

 

إلا أننا بعد هذا البسط نقول :

إن ما جاء من نهي الإمام الباقر (ع) له في الخبر المتقدم ـ في المتن وغيره كان منه (ع) على وجه الإرشاد لا الفرض ، وقد جرى منه (ع) على نحو الشفقة لا التحريم ، وهو قوله " فإني أخاف أن تكون المقتول المصلوب علىظهر الكوفة ؛ أما علمت يازيد أنه لا يخرج أحد من ولد فاطمة على أحد من السلاطين قبـل خروج السفياني إلا قتل " ..

 

وجاء في العيون على لسان الإمام الصادق (ع) قوله :

" رحم الله عمي زيداً ، إنه دعا إلى الرضا من آل محمَّد (ص) ، ولو ظفر لوفى بما دعا إليه ، وقد استشارني في خروجه ، فقلت له : يا عم ، إن رضيت أن تكون المقتول بالكناسة فشأنك  " . فلما ولّى قال جعفر بن محمَّد (ع) : ويل لمن سمع واعيته فلم يجبه . ولعل هذان الخبران يغنيا الباحث عن حقيقة موقف الإمام (ع) من زيد (رض) وخروجه في وجه الطاغية ، فقوله (ع) : فشأنك . في الحديث الثاني ، لهو دليل الأذن ، ولكن مجرد الأذن وليس الأمر ، بل إن العبارتين قد توحيان بالكراهة من قبلهما (ص) ، على أنهما (ع) أطلعاه على عاقبة أمره ..

 

ثمّ أننا إذا تأملنا خبر الحسن بن راشد ، وعلى الخصوص ما جاء فيه من تفسير الصادق (ع) للآية الكريمة ( ثم أورثنا الكتاب .. ) نجد أن الإمام أبي عبدالله (ع) قد حصر أمر زيد (ره) تحت أحد العنوانين : الظالم لنفسه ، الذي لا يعرف الإمام ، وقد تقدم مايفيد معرفته بإمام زمانه بل كونه فقيهاً مختصاً بهم (ص)  فلا مجال لصحة هذا العنوان عليه  ..

 

والمقتصد : وهو العارف بحق الإمام . وسبق أن أشرنا على أن زيداً كان كذلك ، وهو ماعليه  أيضاً غالب علمائنا استناداً لجملة من الأخبار أيضاً . وكيف كان فإنها شهادة من الصادق (ع) في حق زيد (ره) بأنه ممن اصطفاه الله وأورثه كتابه . فخذ بمجامع ما تقدم واغتنم .

 



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «2»

29/09/2013م - 5:22 صآحہمہد سہلہيہم الہعہراقہي - العراق
السلام عليكم سماحه الشيخ كم عدد ابناء الشهيد زيد بن علي وما اسمائهم جزاكم الله خير الجزاء
12/12/2012م - 2:32 مام عباس - العراق
السلام على الحسين وعلى علي ابن الحسين وعلى اصحاب الحسين وعلى اولاد الحسين السلام على كل شهداء الحق والثورات ضد الظلم ونصرة المظلومين اللهم انا نسالك بحق الحسين الوجيه وجده وابيه وامه واخيه والتسعة المعصومين من ذريته وبنيه ان ترزقنا شفاعة الحسين يوم لا ينفع لا مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم وان تجعلنا من الذين قالوا وعملوا بالحق في كل حياتهم ومن الموالين لكل من طالب بنصرة الحق حيثما كان



اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:  
عدد الأحرف المتبقية: