09/06/2011م - 8:05 ص | عدد القراء: 6159
الشّيخ الغروي (ره)
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيدنا محمد وآله الطّاهرين ، واللعنة على أعدائهم أجمعين
هذه ترجمة مختصرة للمرجع الرّاحل آية الله العظمى الميرزا علي الغروي (ره) ، وقد طُبعت في مقّدمة كتيب الدّماء الثلاثة المُطابق لفتاواه. و إنّه وإن كان هذا الشيخ الأجل حجّة علماً في الأوساط العلميّة و الحوزات الدّينيّة إلاّ أنّنا سنشير ولو بإجمال إلى بعض سيرته العطرة ومؤهّلاته الكبرى إتماماً للقصد وإنارة للأمر .. لقد ولد دام ظلّه في مدينة تبريز سنة 1349هـ بين ظهراني أسرة كريمة عريقة .. فتربّى منذ نعومة أظفاره بين منابع العلم و مناهل الدّين والتّقى ، وتلقّى العلوم الدّينيّة منذ سنّ السّادسة في مسقط رأسه .. ثم شدّ رحاله قاصداً عشّ آل محمد (ص) قم المقدّسة حتّى أنهى مرحلة السّطوح فيها على أيدي كبّار علمائها الأكفّاء و فقهائها الأعلام وشرع في حضور الدّروس العليا المعروفة بالبحث الخارج فيها وله من العمر ستّة عشر سنة .. ثمّ انتقل بعدها إلى عاصمة العلم ومهوى أفئدة الشّيعة .. النّجف الأشرف وحضر هناك دروس جهابذتها وأساطينها وأعلامها إلى جانب تصدّيه لإلقاء الدّروس العليا وتصدّيه لتدريس الخارج منذ عام 1379 هـ .. وكان له وجوده المشـرق في غضون تلك الفترة ، شهد له أعلام الطّائفة وأشاروا إلى فضله وعلمه .. وقدّ جمع دام ظلّه إلى مؤهّلاته شرف الحضور عند أعلام الحوزتين البارزين والتلقّي عنهم ..
أما أساتذته في قم المشرّفة فهم : ولا يخفى أنّ شيخنا دام ظلّه هو أوّل من كتب تقريرات أبحاث الســيّد الخوئي (ره) الفقهية التنقيح في شرح العروة الوثقى وبث آراءه بين طلاب العلم وروّاده في حوزات العلم .. مؤلّفاته إنّ لشيخنا الجليل باع قديم ومستطيل في التّأليف ، فهو يقضي فترة طويلة من يومه يتفرّغ فيها للقلم ، حتّى جاد على العلم بتآليف عدّة .. أمّا المطبوعة فهي : 1ـ التنقيح في شرح العروة الوثقى ، و هو أوّل تقرير فقهي لأستاذه السيّد الخوئي (ره) ويقع في عدة مجلدات طبع منها مجلد واحد في الإجتهاد والتقليد وعشرة مجلّدات في الطهارة ومجلد واحد في الصّلاة ، ولايزال بعض مجلّداته مخطوطاً ويُعدّ هذا الكتاب مؤشّراً قويّاً لفقاهة استاذ الفقهاء السيد الخوئي (ره) ، وقد قرّظه أستاذه له بتقريظ نفيس . رسالته العملية مبسوطاً حتى قيل : إن هذا الكتاب يزيد على ثمانين مجلّداً . ومن ذلك مداومته المستمرة على زيارة سيّد الشّهداء (ع) في كل ليلة جمعة ، فضلاً عن الإلتزام بزيارة عاشوراء في كل يوم في الحرم العلوي المطهّر بعد أن يؤم المصلّين في صلاة الصّبح وبعد زيارة سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصّلاة والسلام . ولقد عرّفه العلاّمة المحقّق السيّد عبد الرزاق الموسوي المقرّم (ره) فيمن عرّفه بكلام ينمّ عن معرفة بالغة بشيخنا الغروي دام ظلّه منذ زمن بعيد ضمن تقديمه على كتاب الاجتهاد والتقليد حيث قال في حقه : وقد عبّر عنه أستاذه السيّد الخوئي (ره) قبل ثلاثة عقود بعبائر التّجليل والتّقدير ما يُغني عن شهادات الفطاحل حيث قال (ره) : جناب الفاضل العلامة المحقق ركن الإسلام قرة عيني العزيز الميرزا علي التبريزي أدام الله فضله و وصف تقريراته له وصف المعجب بها .. قائلا أنّها : في غاية الضّبط والإتقان وقد أعجبني أحاطته بدقائقها واستيعابه لحقائقها ، ببيان بليغ رائع واستقصاء جميل نافع . فلا غرو فإنه ممن أصاب ظني في مقدرته العلمية وكفاءته الفكرية ، وقد بلغ بحمد الله الدرجة العالية في كل ما حضره من أبحاثنا في الفقه والأصول والتفسير وأنعش آمالي ببقاء نبراس العلم في مستقبل الأيّام ، فلم تذهب أتعابي على تقويم الحوزة العلمية سدى .. بل أثمرت تلك الجهود بوجود أمثاله من العلماء العظام وأينعت وأتت أكلها كل حين ، فللّه تعالى درّه فيما كتب ودقّق وحقّق وأسأله جل شأنه أن يأخذ بيده ، ليكون قدوة الأفاضل الكرام وأحد المراجع في الأحكام ويوفقه للجد في عمله والإستمرار في نشاطه لينتفع بجوده زملاؤه من طلاّب العلم المحصّلين . وقد صدق تفرّس السيّد الرّاحل (ره) في ما يؤول إليه حال شيخنا المعظّم (ره) فقد دلّت سوابقه على ذلك ، حتّى صار مرجعاً في الأحكام ، وتصدّى لذلك من عاصمة العلم والولاية النّجف الأشرف ، فأرجعت له في التّقليد طائفة من أعيان العلماء والفضلاء في شتّى البقاع والبلاد .. وهذا قيض من فيض .. وقليل من كثير ، وجانب من جوانب هذا العلم العالم والطود الشّامخ ، وبعد هذه اللمحة الموجزة أدعو الله سبحانه مبتهلاً أن ينفع بنعمة وجوده الأمّة ، وأن يمدّ في عمره الشّريف ، وأن يوفّقنا لخدمة الدّين وأهله ، وأن يعيننا على أداء حقوق ذوي الحقوق علينا ، وبالخصوص أئمّتنا صلوات الله عليهم أجمعين . غرة شهر صفر 1419 هـ
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «3» |
رحم الله من يقرا سورة الفاتحة على روحه الطاهرة