» مجلس شهادة الإمام جعفر الصادق عليه السلام   » باب الله (3)   » المهدي عجل الله فرجه رحمة الله الواسعة (3)   » باب الله (2)   » المهدي عجل الله فرجه رحمة الله الواسعة (2)   » باب الله (1)   » خطبة عيد الفطر المبارك لعام 1445 هجرية   » حقيقة الإيمان   » ماذا نهدي لإمام زماننا عجل الله فرجه الشريف   » القوم والعشيرة  


09/06/2011م - 1:19 م | عدد القراء: 1990

مقالة كُتبت بمناسبة مرور أربعين يوم على وفاة المرجع الكبير آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الروحاني (ره) ونُشرت في جريدة يومية كويتية

في أربعينية الإمام الروحاني (ره)

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيدنا محمد وآله الطّاهرين ، واللعنة على أعدائهم أجمعين 

 

ليس ثمة من يدّعي قدرة إحصاء الوافدين الى دنيا الوجود و الحياة ، و كذلك الحال في الراحلين عنها ، فإنهم فوق الحد أو الحصر .. بل حتى الأرض و التراب ، و هما المؤرخان الأمينان فلإنهما لم يحتفظا بجل شواهد الرموس و آثار القبور ، بيد أن المجد والعلياء و الفضيلة تكفلوا بفخر و عز تليدين تخليد عمالقة العلم و أساطين الإيمان و الفضيلة  و الشرف ، بعد أن اقترنوا بها ، و استطاعوا أن يطبعوا بصمتهم الخالدة على جبين الدهر ، فلم يكن للدهر بد من تخليدهم ، فلم ينتهوا أو يموتوا بتصرّم أعمارهم و فناء أيامهم .. شأنهم شأن محكي أمير المؤمنين (ص) : يموت الميت منا وليس بميت ويبلى البالي منا وليس ببال .. وقوله (ص) : هلك خزّان المال و أهل العلم باقون ، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة .

لقد ودّعت الأمة الإسلامية و حوزاتها العلمية المباركة قبل أربعين يوم بأسف عميق و حزن بالغ طودا شامخا من أطواد العلم و بستانا زاهرا من بساتين الفكر و الفضل ، و آية من آيات الخلق النبوي الكريم ، ذلك برحيل مرجع الأمة و فقيه أهل البيت و زعيم الحوزة العلمية آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الروحاني (ره) .. فضم بذلك الى سجل ركب الخالدين ، ضمن سلسلة السلف الصالح من العلماء الباقين .

لقد كان سيدنا الفقيد (ره) بقية السلف الماضي من الفقهاء والعلماء و نتاج فضائلهم و محط مواريثهم و مكارمهم ، جمع العلم الى الفضل الى الخلق السامي الرفيع ، فقد تربع على دكة المرجعية العليا للطائفة منذ وفاة زعيمها الراحل الإمام السيّد الخوئي (ره) و حتى غيّبه الفناء و القدر ، كان خلالها مثالا للأب الرحيم العطوف على شئون متعلقيه ، كثير التحفّي والتفقد والسؤال لأحوال ضعفاء المسلمين ، مادّا يد العون و الخدمة إليهم ، موصيا بذلك ، ناذرا نفسه لقضاء حوائجهم لا يفرق في ذلك بين الأقربين و الأبعدين .

لقد حضى بملكات نفسية عليا قل ما تجتمع في شخص واحد ، على كونه نبعة فوارة من العلم قد خرّج من الفقهاء و المجتهدين الكثير في حوزتي النجف وقم المشرفتين من أمثال النابغتين الشهيدين  السيد الصدر والسيد عبد الصاحب الحكيم (ره) ..فقد كان على درجة مرموقة من الخلق العالي الحاكي خلق أجداده الطاهرين من آل محمد (ص) ، بشوشا سمحا بهيا مهيبا  ورعا عفّا ، بشره في وجهه وحزنه في قلبه ، إذا حدثته أعطاك كله ، و إذا حدّثك خصّك بالبشر و عم الحضور بنظره السخي الجذاب ، آخذا بمجامع النفوس ، متربعا في سويداء القلوب ، لا تكاد تفارقه البسمة و الطرفة ، لقد جالسته فوجدته لين الجانب موقرا الكبير و عاطفا على الصغير ، يحدّث الكبير و يحنو على الصغير ، روحه مزهرة باسمة شابة علىشيخوخته و سقمه ، كثير الذكر لله تعالى و الدعاء و التوجّه له ، كثير التوجع و التأوّه لرزايا آل محمد (ص) و البكاء على سيّد الشهداء (ع) .

لقد عاش أبا كريما محبوبا ، يتقاطر خلقا ساميا ، و يتفجر علما و فضلا زاخرا ، يحكي قلبا كبيرا مفعما بالعطاء و الفضيلة والإيمان والمعرفة ، و توفي سعيدا محتسبا ، وشيّع جثمانه تشييعا باهرا حضره آيات الله  الكبرى و حجج الإسلام وسائر وادّيه و محبيه ، و دفن في بيته تأسيا بآبائه الأئمة الطاهرين (ص) ، و الذي قد أوصى بتوقيفه لذكر الحسين (ع) ، مخلفا بذلك الذكر الحسن الجميل ، مضافا الىالآثار العلمية المهمة الكثيرة ، المطبوعة والمخطوطة ، كمنتقى الأصول و المرتقى الى الفقه الأرقى ، و غيرها من تقريرات بحثه في الحوزتين ، فسلام عليه يوم ولد و يوم يموت و يوم يبعث حيا ، و يا أسفي عليه و على فقده و على عظم الثلمة العظيمة التي لا يسدها شيئ بعده ،  مضى و لم تطل أيامه ، و لم ننعم بوارف ظله الظليل إلا قليلا ، فإنا لله و إنا إليه راجعون .



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «0»


لاتوجد تعليقات!




اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:  
عدد الأحرف المتبقية: